شاملة ... مستدامة
مبادرة التنمية السورية المستدامة
استكشف مبادرة التنمية السورية التي تهدف إلى تحقيق التنمية المستدامة في سوريا. تعرف على المشاريع والمبادرات التي تدعم التنمية الشاملة والمستدامة في البلاد.
4/17/20251 دقيقة قراءة


مبادرة التنمية السورية – بناء وطن من الداخل
هل ما زال الوطن يعرف أبناءه؟ هل يسمع نبضَهم من بين ركام المدن، وضجيجِ الحنين، وهمساتِ الخيبة؟ سنواتٌ من التمزّق، لا بالحرب فقط، بل بالفرقة... بالاغتراب عن الذات، عن الآخر، عن فكرة "نحن". ولكن من بين الغبار، تخرج مبادرة لا تُشبه ضوضاء المشاريع العاجلة. لا تَعِدُ بكهرباءٍ بلا انقطاع، ولا بطرقاتٍ مبلّطةٍ بالسحر. تَعِدُ فقط... بأن تبني الإنسان.
ليست التنمية إسمنتًا ولا زفتًا، بل إنسانٌ يعرف لماذا ينهض، ولمن يزرع، وبماذا يحلم. هذا هو لبّ مبادرة التنمية السورية: أن تُعيد تشكيل الإنسان السوري من الداخل، لا عبر خطابٍ تحفيزي، بل عبر تعليمٍ حقيقي، تمكينٍ اقتصادي، وتطوعٍ يحمل المعنى لا الاستعراض.
وُلدت المبادرة من سؤال بسيط وعميق: كيف نُبقي سوريا حيّة، لا فقط على الخارطة، بل في الضمير؟ فكانت رؤيتها أن تُخلق بيئة داعمة تُعيد وصل الداخل بالخارج، وتربط من بيده المعرفة بمن يحتاج فرصة، ومن يملك الشغف بمن يفتح له الأبواب. أدوات مختلفة فمن تمكين الإنسان، لدعم المشاريع، وجذب الاستثمارات… ليست شعارات، بل محاور عمل تسير بخُطى مدروسة، لا مسرّعة كما في مشاهد التلفاز.
ومع هذا نرى أنفسنا أمام عدة أمراض تقتلنا من الداخل …الطائفية ليست انتماءً، بل قيدٌ خفي. تُمزّق الهوية، وتخفي صوت العقل تحت طبقات الولاء الأعمى. في مبادرة التنمية السورية، لا يُسأل أحد من أين أتى، بل إلى أين يريد أن يذهب. لا مكان للتصنيفات، ولا مجال للفرز. كل سوري قادر على العطاء هو شريك في البناء. من إدلب إلى السويداء، من الحسكة إلى دمشق، السوريون أمامهم فرصة ليكونوا مواطنين فقط... وهذا يكفي. فكم من عقلٍ لامع أُهمل لأنه "ليس من المكان الصحيح"؟ كم من امرأة صامتة أو شاب صغير مكتوم لو أُعطوا فرصة، لغيّروا وجه حيّ بأكمله؟ في مبادرتنا لا ننظر إلى السيرة الذاتية، بل إلى السيرة الحقيقية. مشاريع صغيرة، تدريبات حقيقية، أدوات إنتاج بيد كل شاب وشابة… هذا هو الطريق لإعادة الإنسان إلى دوره، لا كأداة، بل كقائد.
أما الاقتصاد وما أدراك ما الاقتصاد ..حين يصبح حكرًا على قلة، يُولد الجوع والغضب. وحين يُفتح المجال للجميع، يُولد الأمل. ومن هنا تنطلق المبادرة: نحو اقتصاد قائم على مشاركة الجميع حيث يساهم الصغير والكبير، المستثمر والمزارع، المهندس والحرفي. المال هنا ليس غاية، بل وسيلة لخلق مجتمع متوازن، يُنتج، يستهلك، ثم يعيد توزيع الفرص بعدالة. وفي زمنٍ بات فيه التطوع مرادفًا للفراغ أو الاستعراض، تُعيد المبادرة تعريفه كـ واجب وطني وأسلوب حياة. ليكون رديفا للاقتصاد النامي ومشاركة المسؤولية فشاب ينظم السير في حيّه، وفتاة تدير ورشة لتعليم الحرف اليدوية، ورجل خمسيني يدرّب الشباب على الزراعة الحديثة، هكذا يُبنى المجتمع. لا باللجان ولا بالتقارير، بل بأفعال صغيرة، تتراكم لتُنتج شيئًا كبيرًا.
في بلد أنهكته الانتماءات، لم يكن من السهل قول "نحن للجميع"، لكن المبادرة اختارت هذا الأمر كمبدأ متأصل فيها. لا حزب، لا طائفة، لا أجندة… فقط وطن. حيادها ليس ضعفًا، بل قوة. لأنه الوحيد الذي يسمح بأن يكون الجميع جزءًا من اللعبة، لا متفرجين على مقاعد الانتظار. لا نَعِدُ بأن تُصبح سوريا جنة بين ليلة وضحاها، ولكننا نؤمن أن كل من يضع حجرًا اليوم، سيصنع ظلًا غدًا. لذا، إن كنت تحلم بوطن لا يُقاس بالحدود، بل بالمحبة... إن كنت تؤمن أن في قلبك متسع لغيرك، وأنك جزء من الحل … فمكانك هنا، بيننا.
شادي العيتاني